الاثنين، 1 أبريل 2013

الإسلام والحضارة


 

 

          š نقل محمد كرد علي في ((الإسلام والحضارة العربية)):

          أن الوزير التركي ((سنان باشا)) الذي كان والياً على الشام ومصر وفتح اليمن وتونس وتولى الصدارة (رئاسة الوزراء) غير مرة قد خلَّف تركة كان فيها:

-         مائة وستون مصحفاً مرصعاً بالدر والجواهر.

-         وثلاثون طستاً وإبريقاً من الذهب مرصعة بالدر والياقوت.

-         وخمسة صناديق زبرجد عليها خمسة أقفال من الذهب مرصعات بالجوهر، وفي داخل كل صندوق منها مائتا مثقال من الإكسير، كل مثقال منها على ألف قنطار من الحديد يستحيل ذهباً خالصاً.

-         وشطرنج بيادقه البيض ماس، وبيادقه السود لعل (كذا).

-         ومائتا مرآة مرصعة بالدر والياقوت.

-         واثنان وثلاثون زوجاً من الركابات ذهباً مرصعة بالدر والياقوت.

-         وستون ((رختاً)) من الذهب مرصعة بالجواهر.

-         ومثلها سلاسل ذهبية.

-         وأربعمائة ((رخت)) فضة مطلية بالذهب.

-         ومائة وستون رشمة ذهب.

-         وأربعمائة رشمة فضة.

-         ومائة وستون سرجاً مرصعة بالدر والياقوت.

-         ومائة وستون عباءة مكللة باللؤلؤ الرطب.

-         ومائة وستون سكيناً ذهباً مرصعات بالدر والياقوت.

-         وثلاثمائة وأربعون تاجاً مرصعة بالجواهر.

-         ومائتان وستون ((حمايليا)) مرصعة بالدر والجواهر.

-         ومائة وستون خنجراً ذهباً مرصعة بالماس.

-         ومائتان وثلاثون زناراً من الجوهر.

-         ومائتان وستون ((بازونه)) مرصعة بالجواهر.

-         وخمسة وثلاثون صندوق كتب مرصعة بالياقوت والمعدن.

-         وسفرة صحون وثلاث صوان من ذهب وجميعها مرصعة.

-         وعشر طاسات بأغطية وتحتها صوانيها من ذهب مرصعة بالدر والجواهر.

-         وعشر مباخر وعشر قماقم ذهب مرصعة بالدر والجواهر.

-         وخمسة وستون خاتماً من الماس.

-         ومائة وأربعة وأربعون خاتماً من الياقوت الأحمر.

-         ومائتا خاتم من لعل. ومثلها من الياقوت الأصفر والأزرق والزمرد الخالص.

-         وسبعون وسادة كل واحدة بمائتي دينار.

-         ومائتان وستون وسادة مرصعة بالجواهر.

-         وستون قفلاً ومفتاحاً مرصعات بقطع ماس في كل قفل منها نحو ألف دينار.

-         وقبضة ماس مقدار كف الإنسان لا نظير لها.

-         وأربعمائة شماعدين من ذهب وتحتها سفرها مرصعة بالجواهر قوَّموها بمائة ألف دينار.

-         ومائة وخمسون خلعة صراصر كل واحدة منها تساوي مائة دينار.

-         وسبعون خلعة مرصعة بالجواهر قيمة كل واحدة ألف دينار.

-         وثلاث صور عجاب قيمتها ثلاثة آلاف دينار.

-         وثلاثمائة فروة  سمور قيمة كل واحدة منها خمسمائة دينار.

-         وأربعمائة فروة وشق قيمة كل واحدة ثلاثمائة دينار.

-         وأربعمائة فروة ناقة وغيرها قوّمت كل واحدة بسبعين ديناراً.

-         وثمانية أباريق كبيرة من نحاس أصفر في جوف كل إبريق منها مائة ألف دينار.

-         وستة وسبعون كيساً في كل كيس منها اثنا عشر ألف دينار.

-         وثلاثمائة شمامة من العنبر.

-         إلى غير ذلك من الأمتعة والعود الخالص المختوم.

-         وثمانية آلاف جمل.

-         وألف بغل.

-         وتسعمائة فرس وحصان لركوبه خاصة بسرج حرير.

-         وما عدا الصيني والنحاس والبندق المجوهر والدروع والقامات والسناجق المذهبة وعدة ((الشكار) مع طاساتها الذهب، وأشياء كثيرة لا يمكن حصرها.

 

قال المرحوم كرد علي عن هذه الثروة: إن أقل ما يقال فيها: إنها مجموعة ثروة قسم عظيم من الولايات العربية، إذا وجد بعضها في أحد متاحف الغرب عُدَّ غنياً بما في تركته من غرائب.

     وأقول: إن هذا الوزير هو الذي بنى مسجد السنانية المعروف في دمشق. فهل بناه ليغفر الله له ما سلبه من أموال الناس؟ وهل يفعل الله ذلك؟

الأربعاء، 27 مارس 2013

فقه التوحيد في ثوب جديد

                  
                      بسم الله الرحمن الرحيم

 (أ) الفصل الثالث : النبوات , وفيه مبحثان : الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , الوحي والرسالات .
(ب) الفصل الرابع : الـسمعيات , وفيه ثلاثة مباحث : اليوم الآخر  , الـملائكة , الجن .
* ونبدأ بحول الله تعالى وقوّته :
الفصل الثالث : النبوات :
الـمبحث الأول : الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام :
* أولاً : مصطلحا النبي والرسول في القرآن :
·        ليس في الـقران تفريق صريح بين الـمصطلحين , وهي مسألة خلافية بين العلماء .
·        لكن من الـممكن ذكر الـفارق اللغوي الـواضح :
-        "فالـنبي" مشتق من الـنبأ وهو الـخبر , وعليه فالنبي هو الذي يأتيه الـخبر من الـسمـاء ( الوحي ) .
-        "والرسول" هو الـمبعوث برسالة , وعليه فالرسول هو الـمكلَّف بحمل الرسالة الـسماوية ( الوحي ) إلى الناس .
·        ونلمِّح لهذا الفرق في الاستخدام القرآني لهذين الـمصطلحين :
- فنجد القرآن يستعمل مصطلح " النبي " في الخطاب الـموجه من الله لنبيه , كقوله تعالى : {يا أيها النبي جاهد الكفار والـمنافقين} .
- ونجد القرآن يستخدم مصطلح " الرسول " بمعنى اللغوي بمثل : {كذبت قوم نوح الـمرسلين} , { كذبت ثمود الـمرسلين} .
* ولأن الرسول يكلف بحمل الرسالة من الـسماء : فهو نبي من وجه , رسول من وجه , لأنه نبي من الله , ورسوله إلى الناس , ولهذا يجمع الله تعالى الصفتين في شخص واحد :
- كقوله تعالى لنبيه × : { يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً } .
* ثانياً : أهمية الإيمان بالأنبياء :
- منحها القرآن أهمية كبيرة تتناسب مع عظمتها .
- فحينما تحدثنا عن التوحيد , فهمنا أنه لا يتم إلا بإفراد الله بالعبادة .
- والعبادة هي امتثال الأوامر والنواهي , فمن أين يتعرف الإنسان على الأوامر والنواهي؟
- لا طريق للتلقي من الله إلا بواسطة الرسل عليهم الصلاة والسلام .
- وعلى هذا فمن لا يؤمن بالرسل لا يكون موحداً لله تعالى .
* ولهذا اهتم القرآن بهذه القضية , كما في النماذج التالية [ مظاهر اهتمام القرآن بقضية الإيمان بالأنبياء ] :
أ- كثرة النصوص المفصلة والمبينة والمؤكدة لهذه القضية .
ب- اقتران الإيمان بهم بالإيمان بالله , كقوله تعالى : {والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون} , وفي النبوة الخاصة : {فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي}
ج- التحذير من تكذيبهم , وتخويف المكذبين بما لاقى أسلافهم : {كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب * إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب * وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق } .
·        ثالثاً : وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام :
·        أكد القرآن أن وظيفتهم التبليغ ( تبليغ شريعة الله لخلق الله ) : {وما على الرسول إلا البلاغ الـمبين} .
-        وقد يأتي التبليغ بلفظ الدعوة والتبيين والهدى : {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} .
-        وقد يأتي بلفظ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لزيادة مقصودة في معنى التبليغ : {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر} .
-        وقد يقترن التبليغ بالوعد أو الوعيد , فيكون تبشيراً أو نذيراً : {إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً} .
-        والتبليغ قد يحتاج إلى جهاد بالـمال والنفس : {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين} .
-        والتبليغ قد خاصاً  لقوم مخصوصين : {كذبت قوم نوح الـمرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين} .
-        والتبليغ قد يكون عاماً لكافة الخلق : {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالَمين} .
·        حقيقة مهمة : وظيفة الرسل يتحملها الـمؤمنون من بعدهم ؛ لأن عمر الرسول محدود , ولا تتم الفائدة إلا بوجود ورثة للرسول يحملون بعده هذه الأمانة , وإلا تطلب الأمر وجود الرسل أبداً أو يضيع الأمر والنهي .
-        ولهذا خاطب الله تعالى الأمة بمـا خطاب به نبيها : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } .
-        وهذه الحقيقة هي التي دفعت الصحابة إلى مواصلة الـمسير , مبلغين دعوة الله .
·        رابعاً : صفاتهم عليهم الصلاة والسلام :
·        تحدث القرآن بإسهاب عن صفات الأنبياء , ولم يخرج عن منهجه الـمعروف , حيث لا يحدثنا إلا عما نحتاجه في وظيفتنا .
·        ومن تلك الصفات :
1-              الأمانة والصدق في التبليغ : {وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحَى} .
2-              الخلق الكريم : {وإنك لعلى خلق عظيم} .
·        وهنا تفصيل لمعان مهمة في الأخلاق :
أ‌-                  التجرد لله تعالى في الدعوة : كقول نوح : {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} .
ب‌-            الصدق :{واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقاً نبياً} .
ت‌-            الأمانة : كقول نوح :{إني لكم رسول أمين} .
ث‌-            العفاف والطهر : فعن إبراهيم : {إن إبراهيم لأواه حليم} .
ج‌-             اللين والتواضع : {فبـمـا رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} .
ح‌-             الشجاعة : {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار} .
3-              الفطانة والحكمة وقوة الحجة :
أ‌-                  الإخبارعنهم بهذه الصفات صراحة : {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} .
ب‌-            عرض هذه الصفات من خلال الحوار والـمجادلة : {ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الـمُلك} الآية .
ت‌-            أن يعرضها القرآن من خلال بعض الـمواقف الذكية : كما في الآيات التي عن إبراهيم : {وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين} الآيات . وفي الآيات عن يوسف : {ولـمـا دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه} الآيات .
4-              صفاتهم البشرية :
·        أكد القرآن هذه الصفات لحماية جانب التوحيد , حيث أن هذه الصفات تعين على الثبات في الموقف الصحيح , ولا نستطيع حصرها لكن نتلمسها في الأمثلة التالية :
أ‌-                  التأكيد أنهم بشر من خلق الله : {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي}  .
ب‌-            التأكيد على أنهم عباد الله : {سبحان الذي أسرى بعبده} .
ت‌-            أنهم لا يملكون من أمر الله شيئاً , ولا ينفعون ولا يضرون : {ليس لك من الأمر شيء} .
ث‌-            ذكر عوارضهم البشرية كالمرض والجوع والتعب:كقوله تعالى عن محمد × : {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بمـا يقولون} .
ج‌-             ذكر زلات وأخطاء , وقع بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : كقوله تعالى عن محمد × : {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم} .
·        حاول العلماء أن يؤولوا هذه النصوص ؛ ليوفقوا بينها وبين مبدأ عصمة الأنبياء .
·        ولكن القرآن سجلها دو ذكر مبرراتها .
·        والسلف لم يفهموا منها ما يحتاج إلى تأويل أو تبرير , بدليل أنه لم يأت واحد منهم يسأل يا رسول الله كيف أنت معصوم والقرآن يقول عنك {ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخر}؟
-        فالقرآن لم يجد هنا مشكلة تحتاج إلى علاج , فالأمر واضح بين :
-        الله أرسل الرسل لمهمة تبليغ الرسالة .
-        والرسالة تعهد الله بإيصالها للناس سليمة كاملة .
-        فهذه الزلات لا علاقة لها بالرسالة , ولا بوظيفتهم الأساسية .
-        نعم إن التأسي بهم ثمرة الإيمان بهم : {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} .
-        ولكن هذا الاقتداء لا يبقى على إطلاقه بعد تبيين الله تعالى للزلة والخطأ .
-        فرسول الله × نقتدي به في كل شيء .
-        لكن لا نعبس بوجه الأعمى ؛ لأنه تعالى لم يقر الرسول × على هذا التصرف , بل عاته عليه
-        والأصل فيما لم يعاتب عليه الرسول أن نقتدي به , فليست هنا مشكلة حقيقية , لا سيما بعد أن بين الله صفاتهم الأولى , التي تثبت مع هذه الزلات أنهم الصفوة .
-        أما هذه الزلات فلا تيؤثر على وظيفتهم , ولا مكانتهم القيادة , ولا تنفر الناس عنهم .
-        لقوله تعالى : {ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} .
-        فالنبي × لا يمكن أن يتركب ما ينفر الناس عنه , كالكذب والخيانة والفواحش .
-        فإذا سلم النبي × من كل هذا , فهذه الزلات الطفيفة لا تحتاج لأي تأويل .
-        مع أن الذي يريد أن يبرر ويؤول , فإن له متسعاً و لكن ما الحاجة إليه ؟! والله أعلم .
·        خامساً : أسماؤهم في القرآن :
·        لم يذكر القرآن أسماء الأنبياء والـمرسلين جميعاً , بل قال : {ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك} .
·        والذين قص علينا أخبارهم : منهم من صرح بنبوتهم أو رسالتهم , ومنهم من لم يصرح , وإنما استُفيد من إشارات أخرى هي محل نزاع بين العلماء .
·        فمما صرح القرآن بنبوتهم أو رسالتهم ( 21 ) :
-        نوح عليه الصلاة والسلام : {إنا أرسلنا نوحاً إلى قومه} .
-        وإبراهيم عليه الصلاة والسلام : {واذكر في الكتاب إبراهيم} .
-        نبينا محمد × : {محمد رسول الله} .
·        بقيت ثلاث مسائل , متعلقة بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام :
·        الـمسألة الأولى :
·        مسألة ( الأسباط ) الذين أكد القرآن نبوتهم , فقال : {قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط} .
·        ولكن القرآن لم يبين من هم الأسباط وكم عددهم ؟
·        ولا شك إن لهذا حكمة , إذ لو علم الله أن في إخبار ذلك نفعاً لقصها علينا , ولكن الله أعلم وأحكم .
·        الـمسألة الـثانية :
·        أربع أنبياء ذكرهم القرآن , ولم يصرح بنبوتهم أو رسالتهم , وهم آدم وذو الكفل واليسع وزكريا :